فصل: قال القرطبي:

صباحاً 11 :14
/ﻪـ 
1446
جمادى الاخرة
21
الأحد
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



المسألة الثانية:
روى الواحدي في البسيط عن قتادة أنه قال: القرآن دل على أن أولياء الله موصوفون بأنهم عند المكاشفات والمشاهدات، تارة تقشعر جلودهم وأخرى تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله.
وليس فيه أن عقولهم تزول وأن أعضاءهم تضطرب، فدل هذا على أن تلك الأحوال لو حصلت لكانت من الشيطان، وأقول هاهنا بحث آخر وهو أن الشيخ أبا حامد الغزالي أورد مسألة في كتاب إحياء علوم الدين، وهي أنا نرى كثيرًا من الناس يظهر عليه الوجد الشديد التام عند سماع الأبيات المشتملة على شرح الوصل والهجر، وعند سماع الآيات لا يظهر عليه شيء من هذه الأحوال، ثم إنه سلم هذا المعنى وذكر العذر فيه من وجوه كثيرة، وأنا أقول: إني خلقت محرومًا عن هذا المعنى، فإني كلما تأملت في أسرار القرآن اقشعر جلدي وقف على شعري وحصلت في قلبي دهشة وروعة، وكلما سمعت تلك الأشعار غلب الهزل علي وما وجدت ألبتة في نفسي منها أثرًا، وأظن أن المنهج القويم والصراط المستقيم هو هذا، وبيانه من وجوه الأول: أن تلك الأشعار كلمات مشتملة على وصل وهجر وبغض وحب تليق بالخلق، وإثباته في حق الله تعالى كفر، وأما الانتقال من تلك الأحوال إلى معان لائقة بجلال الله فلا يصل إليها إلا العلماء الراسخون في العلم، وأما المعاني التي يشتمل عليها القرآن فهي أحوال لائقة بجلال الله، فمن وقف عليها عظم الوله في قلبه، فإن من كان عنده نور الإيمان وجب أن يعظم اضطرابه عند سماع قوله: {وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الغيب لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ} [الأنعام: 59] إلى آخر الآية والثاني: وهو أني سمعت بعض المشايخ قال كما أن الكلام له أثر فكذلك صدور ذلك الكلام من القائل المعين له أثر، لأن قوة نفس القائل تعين على نفاذ الكلام في الروح، والقائل في القرآن هنا هو الله بواسطة جبريل بتبليغ الرسول المعصوم، والقائل هناك شاعر كذاب مملوء من الشهوة وداعية الفجور والثالث: أن مدار القرآن على الدعوة إلى الحق قال تعالى: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِى إلى صراط مُّسْتَقِيمٍ صراط الله الذي لَهُ مَا في السموات وَمَا فِي الأرض} [الشورى: 52، 53] وأما الشعر فمداره على الباطل قال تعالى: {والشعراء يَتَّبِعُهُمُ الغاوون أَلَمْ تَرَ أَنَّهُمْ في كُلّ وَادٍ يَهِيمُونَ وَأَنَّهُمْ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ} [الشعراء: 224، 226] فهذه الوجوه الثلاثة فروق ظاهرة، وأما ما يتعلق بالوجدان من النفس فإن كل أحد إنما يخبر عما يجده من نفسه والذي وجدته من النفس والعقل ما ذكرته، والله أعلم.
المسألة الثالثة:
في بيان ما بقي من المشكلات في هذه الآية ونذكرها في معرض السؤال والجواب.
السؤال الأول: كيف تركيب لفظ القشعريرة الجواب: قال صاحب الكشاف تركيبه من حروف التقشع وهو الأديم اليابس مضمومًا إليها حرف رابع وهو الراء ليكون رباعيًا ودالًا على معنى زائد يقال: اقشعر جلده من الخوف وقف شعره، وذلك مثل في شدة الخوف.
السؤال الثاني: كيف قال: {تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله} وما الوجه في تعديه بحرف إلى؟ والجواب: التقدير تلين جلودهم وقلوبهم حال وصولها إلى حضرة الله وهو لا يحس بالإدراك.
السؤال الثالث: لم قال: {إلى ذكر الله} ولم يقل إلى ذكر رحمة الله؟ والجواب: أن من أحب الله لأجل رحمته فهو ما أحب الله، وإنما أحب شيئًا غيره، وأما من أحب الله لا لشيء سواه فهذا هو المحب المحق وهو الدرجة العالية، فلهذا السبب لم يقل ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر رحمة الله بل قال إلى ذكر الله، وقد بين الله تعالى هذا المعنى في قوله تعالى: {فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإسلام} [الأنعام: 125] وفي قوله: {أَلاَ بِذِكْرِ الله تَطْمَئِنُّ القلوب} [الرعد: 28] وأيضًا قال لأمة موسى: {يا بنى إسرائيل اذكروا نِعْمَتِيَ التي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ} [البقرة: 40] وقال أيضًا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم: {فاذكرونى أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152].
السؤال الرابع: لم قال في جانب الخوف قشعريرة الجلود فقط، وفي جانب الرجاء لين الجلود والقلوب معًا؟ والجواب: لأن المكاشفة في مقام الرجاء أكمل منها في مقام الخوف، لأن الخير مطلوب بالذات والشر مطلوب بالعرض ومحل المكاشفات هو القلوب والأرواح، والله أعلم.
ثم إنه تعالى لما وصف القرآن بهذه الصفات قال: {ذَلِكَ هُدَى الله يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاء وَمَن يُضْلِلِ الله فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} فقوله: {ذلك} إشارة إلى الكتاب وهو هدى الله يهدي به من يشاء من عباده وهو الذي شرح صدره أولًا لقبول هذه الهداية {وَمَن يُضْلِلِ الله} أي من جعل قلبه قاسيًا مظلمًا بليد الفهم منافيًا لقبول هذه الهداية {فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} واستدلال أصحابنا بهذه الآية وسؤالات المعتزلة وجوابات أصحابنا عين ما تقدم في قوله: {فَمَن يُرِدِ الله أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ للإسلام}. اهـ.

.قال القرطبي:

قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله أَنزَلَ مِنَ السماء مَاءً} أي إنه لا يخلف الميعاد في إحياء الخلق، والتمييز بين المؤمن والكافر، وهو قادر على ذلك كما أنه قادر على إنزال الماء من السماء.
{أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ} أي من السحاب {مَاءً} أي المطر {فَسَلَكَهُ} أي فأدخله في الأرض وأسكنه فيها؛ كما قال: {فَأَسْكَنَّاهُ فِي الأرض} [المؤمنون: 18].
{يَنَابِيعَ} جمع يَنْبُوع وهو يَفْعُول من نَبَع ينبُع وينبَع وينبِع بالرفع والنصب والخفض.
النحاس: وحكى لنا ابن كيسان في قول الشاعر:
يَنْبَاعُ مِنْ ذِفْرَى غَضُوبٍ جَسْرَةٍ

أن معناه يَنْبَع فأشبع الفتحة فصارت ألفًا، نبوعًا خرج.
واليَنْبوع عين الماء والجمع الينابيع.
وقد مضى في سبحان.
ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ أي بذلك الماء الخارج من ينابيع الأرض {زَرْعًا} هو للجنس أي زروعًا شتى لها ألوان مختلفة، حمرة وصفرة وزرقة وخضرة ونورًا.
قال الشعبي والضحاك: كل ماء في الأرض فمن السماء نزل، إنما ينزل من السماء إلى الصخرة، ثم تقسم منها العيون والركايا.
{ثُمَّ يَهِيجُ} أي ييبس.
{فَتَرَاهُ} أي بعد خضرته {مُصْفَرًّا} قال المبرد قال الأصمعي: يقال هاجت الأرض تهيج إذا أدبر نبتها وولّى.
قال: وكذلك هاج النبت.
قال: وكذلك قال غير الأصمعي.
وقال الجوهري: هاج النبت هياجًا أي يَبِس.
وأرض هائجة يَبس بقْلُها أو اصفر، وأهاجت الريح النبت أيبسته، وأهيجنا الأرض أي وجدناها هائجة النبات، وهاج هائجه أي ثار غضبه، وهدأ هائجه أي سكنت فورته.
{ثُمَّ يَجْعَلُهُ حُطَامًا} أي فتاتًا مكسرًا من تحطم العود إذا تفتت من اليبس.
والمعنى أن من قدر على هذا قدر على الإعادة.
وقيل: هو مثل ضربه الله للقرآن ولصدور من في الأرض، أي أنزل من السماء قرآنًا فسلكه في قلوب المؤمنين {ثُمَّ يُخْرِجُ بِهِ زَرْعًا مُّخْتَلِفًا أَلْوَانُهُ} أي دينًا مختلفًا بعضه أفضل من بعض، فأما المؤمن فيزداد إيمانًا ويقينًا، وأما الذي في قلبه مرض فإنه يهيج كما يهيج الزرع.
وقيل: هو مثل ضربه الله للدنيا؛ أي كما يتغير النبت الأخضر فيصفر كذلك الدنيا بعد بهجتها.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لذكرى لأُوْلِي الألباب}.
قوله تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ} شرح فتح ووسع.
قال ابن عباس: وسع صدره للإسلام حتى ثبت فيه.
وقال السدي: وسع صدره بالإسلام للفرح به والطمأنينة إليه؛ فعلى هذا لا يجوز أن يكون هذا الشرح إلا بعد الإسلام؛ وعلى الوجه الأول يجوز أن يكون الشرح قبل الإسلام.
{فَهُوَ على نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} أي على هدى من ربه كمن طبع على قلبه وأقساه.
ودلّ على هذا المحذوف قوله: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ} قال المبرد: يقال قسا القلب إذا صَلُب، وكذلك عتا وعسا مقاربة لها.
وقلبٌ قاسٍ أي صُلْب لا يرق ولا يلين.
والمراد بمن شرح الله صدره هاهنا فيما ذكر المفسرون عليّ وحمزة رضي الله عنهما.
وحكى النقاش أنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
وقال مقاتل: عمار بن ياسر.
وعنه أيضًا والكلبي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
والآية عامة فيمن شرح الله صدره بخلق الإيمان فيه.
وروى مُرَّة عن ابن مسعود قال: قلنا يا رسول الله قوله تعالى: {أَفَمَن شَرَحَ الله صَدْرَهُ لِلإِسْلاَمِ فَهُوَ على نُورٍ مِّن رَّبِّهِ} كيف انشرح صدره؟ قال: «إذا دخل النور القلب انشرح وانفتح» قلنا: يا رسول الله وما علامة ذلك؟ قال: «الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزوله» وخرجه الترمذي الحكيم في نوادر الأصول من حديث ابن عمر: أن رجلًا قال يا رسول الله أي المؤمنين أكيس؟ قال: «أكثرهم للموت ذكرًا وأحسنهم له استعدادًا وإذا دخل النور في القلب انفسح واستوسع» قالوا: فما آية ذلك يا نبيّ الله؟ قال: «الإنابة إلى دار الخلود والتجافي عن دار الغرور والاستعداد للموت قبل نزول الموت» فذكر صلى الله عليه وسلم خصالًا ثلاث، ولا شك أن من كانت فيه هذه الخصال فهو الكامل الإيمان، فإن الإنابة إنما هي أعمال البر؛ لأن دار الخلود إنما وضعت جزاء لأعمال البر، ألا ترى كيف ذكره الله في مواضع في تنزيله ثم قال بعقب ذلك: {جَزَاءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17] فالجنة جزاء الأعمال؛ فإذا انكمش العبد في أعمال البر فهو إنابته إلى دار الخلود، وإذا خمد حرصه عن الدنيا، ولَها عن طلبها، وأقبل على ما يغنيه منها فاكتفى به وقنع، فقد تجافى عن دار الغرور.
وإذا أحكم أموره بالتقوى فكان ناظرًا في كل أمر، واقفًا متأدّبًا متثبتًا حذِرًا يتورّع عما يُريبه إلى ما لا يُريبه، فقد استعدّ للموت.
فهذه علامتهم في الظاهر.
وإنما صار هكذا لرؤية الموت، ورؤية صرف الآخرة عن الدنيا، ورؤية الدنيا أنها دار الغرور، وإنما صارت له هذه الرؤية بالنور الذي ولج القلب.
وقوله: {فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِّن ذِكْرِ الله} قيل: المراد أبو لهب وولده، ومعنى: {مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ} أن قلوبهم تزداد قسوة من سماع ذكره.
وقيل: إن مِن بمعنى عن، والمعنى قست عن قبول ذكر الله وهذا اختيار الطبري.
وعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قال الله تعالى اطلبوا الحوائج من السمَحاء فإني جعلت فيهم رحمتي ولا تطلبوها من القاسية قلوبهم فإني جعلت فيهم سخطي» وقال مالك بن دينار: ما ضُرِب عبدٌ بعقوبة أعظم من قسوة قلب، وما غضب الله على قوم إلا نزع الرحمة من قلوبهم.
{اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ (23)} فيه ثلاث مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث} يعني القرآن لما قال: {فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ} بيّن أن أحسن ما يُسمع ما أنزله الله وهو القرآن.
قال سعد بن أبي وقاص قال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو حدثتنا فأنزل الله عز وجل: {الله نَزَّلَ أَحْسَنَ الحديث} فقالوا: لو قصصت علينا فنزل: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ القصص} [يوسف: 3] فقالوا: لو ذكرتنا فنزل: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمنوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ الله} [الحديد: 16] الآية.
وعن ابن مسعود رضي الله عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ملّوا مَلّة فقالوا له: حدثنا فنزلت.
والحديث ما يحدث به المحدِّث.
وسمى القرآن حديثًا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحدّث به أصحابه وقومه، وهو كقوله: {فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: 185] وقوله: {أَفَمِنْ هذا الحديث تَعْجَبُونَ} [النجم: 59] وقوله: {إِن لَّمْ يُؤْمِنُواْ بهذا الحديث أَسَفًا} [الكهف: 6] وقوله: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله حَدِيثًا} [النساء: 87] وقوله: {فَذَرْنِي وَمَن يُكَذِّبُ بهذا الحديث} [القلم: 44] قال القشيري: وتوهم قوم أن الحديث من الحدوث فليدل على أن كلامه محدث وهو وهم؛ لأنه لا يريد لفظ الحديث على ما في قوله: {مَا يَأْتِيهِمْ مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِمْ مُّحْدَثٍ} [الأنبياء: 2] وقد قالوا: إن الحدوث يرجع إلى التلاوة لا إلى المتلو، وهو كالذكر مع المذكور إذا ذكرنا أسماء الربّ تعالى.
{كِتَابًا} نصب على البدل من {أَحْسَنَ الْحَدِيثِ} ويحتمل أن يكون حالًا منه.
{مُّتَشَابِهًا} يشبه بعضه بعضًا في الحسن والحكمة ويصدق بعضه بعضًا، ليس فيه تناقض ولا اختلاف.
وقال قتادة: يشبه بعضه بعضًا في الآي والحروف.
وقيل: يشبه كتب الله المنزلة على أنبيائه؛ لما يتضمّنه من أمر ونهي وترغيب وترهيب وإن كان أعم وأعجز.
ثم وصفه فقال: {مَّثَانِيَ} تثنى فيه القصص والمواعظ والأحكام وثني للتلاوة فلا يمل.
{تَقْشَعِرُّ} تضطرب وتتحرك بالخوف مما فيه من الوعيد.
{ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إلى ذِكْرِ الله} أي عند آية الرحمة.
وقيل: إلى العمل بكتاب الله والتصديق به.
وقيل: {إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} يعني الإسلام.
الثانية: عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، إذا قرئ عليهم القرآن كما نعتهم الله تدمع أعينهم وتقشعر جلودهم.
قيل لها: فإنا أناسًا اليوم إذا قرئ عليهم القرآن خَرّ أحدهم مغشيًّا عليه.
فقالت: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم.
وقال سعيد بن عبد الرحمن الجمحي: مرّ ابن عمر برجل من أهل القرآن ساقط فقال: ما بال هذا؟ قالوا: إنه إذا قرئ عليه القرآن وسمع ذكر الله سقط.
فقال ابن عمر: إنا لنخشى الله وما نسقط.
ثم قال: إن الشيطان يدخل في جوف أحدهم؛ ما كان هذا صنيع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم.